أربعة وستّون يومًا..
أربعة وستون يومًا فقط لتنتهي هذه السنة..
السّنة التي عاهدت الله ثُمّ نفسي في بدايتها
على أن أعيش كل لحظة في أيّامي..
وعاهدت ذاتي على الحُب اللا مشروط لها..
على تقبُّل كل شعور يزورني
حزينٌ كان، أم النّقيض تمامًا..
على احتواء ضعفي وتقبّله
كما احتفي بِقوّتي واتباهى بها..
عانقتُ نفسي في الليلة الأخيرة من تلك السّنة
ووعدتها بِبداية أخفّ وطئًا من كل الذي مضى
بِتشتّت أقل.. واختيارات أكثر..
بِتأمُّل أكثر.. وتفكير أقل..
بقبولٍ لِكل ما امضي فيه في الحاضر
والانسحاب من ضوضاء الماضي وآلامِ الطّفولة
وكل ما هو آتٍ بعد سنواتٍ من الآن..
وأن أحيا الحياة، لحظة بِلحظة..
ها أنا اليوم يا الله..
بعد أن تبقّت أربعة وستّون يومًا فقط
قريبة جدًا من تحقيق هذا الوعد.. حدّ البُكاء!
لم تكُن سهلة..
ولم يكُن تقبّل شعوري في كل لحظاته يسيرٌ عليّ..
فلم ترحمني ليالي الوِحدة
ولم يتركني اليأس لوهلة..
وكم من ليالٍ نهشني فيها النّدم
واعتراني الحُزن والصّمت
ومرّت بي ليالٍ طويلةٍ
لا تخلو من البُكاء
والألم الذي اعتصر روحي
وانهك جسدي..
وفي المُقابِل؛
وهبتني ليالٍ أكثر
مُمتلئةً بِالحُب الحقيقي
والصّداقة العظيمة..
ودعم عائِلتي المُستمرّ..
وإيمان إخوتي الكبير فيّ..
وهبتني هذه السنة
التّصالح العميق مع ذاتي
بِأوجاعها ونقاط قوّتها وضعفها..
ساعدتني في عقد الصُّلح مع ذاتي القديمة..
فتيسّر لي الغُفران لِكل اختياراتها المؤلمة
وشكرتها بكل حُب لِمَ آلت عليه أوضاعنا..
ولا زِلت احاول..
وامضي بِكُل مهل..
لطالما آمنت بِأن التَّشافي يحتاج الوقت بل الصّبر..
الكثير والكثير من الوقت والصّبر..
وهذه السنة ازداد إيماني بأن هذا هو الشيء الوحيد
الذي جعل الولوج لِأعماق روحي أسهل.. وأحنّ..
فها أنا احتوي حُطام فؤادي وألملم كُسره
بِالانسحاب والإنصات لِمَ أشعر..
بالكِتابة والقِراءة والتأمُّل والموسيقى..
والقُرب ممّن أحببت من عائِلتي وأصدقائي..
دون توقّعات لِشفاءٍ عاجِل.. وتعافٍ أسرع..
أربعة وستّون يومًا..
ولا زال قلبي يمضي في رحلته للِتعافي
ولربّما نسبة التّعافي التَّامة ضئيلة جِدًّا
ولكن.. لا بأس
فلا أودّ سِوى وهبه كل الحُب حتى يصير أفضل
وأكثر مرونة في تقبُّل كل ما مرّ به..
وجُلّ ما أريده هو أن أكون هُنا مِن أجلي
من أجل أن تصيّرني الأيَّام
اُنثى أكثر تقبُّلًا لِنفسها
وأكثر استعدادًا للِحُب والعطاء
وأقل خشيةً وحُزنًا..
٩:٥٠ مساءً..
٢٨/١٠/٢٠٢١م
تعليقات
إرسال تعليق